ألقى خطبة الجمعة اليوم بـ الجامع الأزهر، الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول أهمية الأخلاق في بناء الأمم.

وفي بداية الخطبة قال فضيلة الدكتور ربيع الغفير، إن للأخلاق أهمية كبرى في الإسلام، فالخلق من الدين كالروح من الجسد، والإسلام بلا خلق جسد بلا روح، فالخلق هو كل شيء، فقوام الأمم والحضارات بالأخلاق وضياعها بفقدانها لأخلاقها، فلو نظرنا إلى الدين الإسلامي لوجدناه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عقيدة ونجدها متمثلة في توحيد الله سبحانه وتعالى، وشريعة: وتتمثل في العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها، وأخلاق: ونجدها في الأقوال والسلوك الفاضلة في التعامل مع الآخرين.

وأوضح الغفير أن كل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يمثل ثلث الإسلام، فالعقيدة تمثل ثلث الإسلام، لذلك كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن لاشتمالها على الجانب العقدي، فعن أبي سعيد الخدري: أن رجلا سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله ﷺ فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقالها، فقال ﷺ: والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن”، كذلك العبادات تعدل ثلث الإسلام، والأخلاق- التي يظن البعض أن لا علاقة لها بالدين – تعدل ثلث الإسلام، حيث أخبرنا ﷺ أن الهدف من بعثته غرس مكارم الأخلاق في أفراد المجتمع فقال: “إنما بعثت لأتمم صالح  الأخلاق”.  

وأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن لحسن الخلق فضائل عديدة، وثمرات كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: أولا: أن المؤمن يبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم: قال عليه الصلاة والسلام: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم»، فهنيئا، ثم هنيئا، لك يا صاحب الخلق الرفيع هذا الأجر العظيم، ومن ثمرات حسن الخلق: أنه يثقل ميزان العبد يوم القيامة: قال عليه الصلاة والسلام: «ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء»، وعن أنس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقي أبا ذر، فقال: «يا أبا ذر، ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟» قال: بلى يا رسول الله، قال: «عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، والذي نفس محمد بيده، ما عمل الخلائق بمثلهما».

وتابع خطيب الجامع الأزهر أن من ثمرات حسن الخلق حصول البركة في الديار والأعمار، فعن عائشة أن النبي ﷺ قال لها: إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار»، ومنها أن صاحب الخلق يحصل على كمال الإيمان ومحبة الرحمن: عن أبي هريرة -رضي الله عنه وأرضاه- قال: قال ﷺ: «أكمل المؤمنين أحسنهم خلقا». وفي الحديث: «أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا».

وفي ختام الخطبة بين فضيلة الدكتور ربيع الغفير، أن صاحب الخلق الحسن يستحق بهذا العمل الجنة، يقول عليه الصلاة والسلام: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه»، وعن أبي هريرة أن النبي ﷺ سئل: ما أكثر ما يدخل الناس الجنة، قال: «تقوى الله، وحسن الخلق» كما أن حسن الخلق من أسباب القرب من النبي ﷺ يوم القيامة: قال ﷺ: «ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟» فسكت القوم، فأعادها مرتين أو ثلاثا، قال القوم: نعم يا رسول الله، قال: «أحسنكم خلقا».

 وقال ﷺ: «إن أقربكم مني مجلسا أحاسنكم أخلاقا، الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون»، مشيرا إلي أن خيرية الرجل لا تقاس بصلاته وصيامه فحسب، بل لا بد من النظر في شيمه وأخلاقه، وتعامله مع الخلق، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: «لم يكن رسول الله ﷺ فاحشا ولا متفحشا»، لذلك كان صلى الله عليه وسلم  يوصي أصحابه بحسن الخلق، قال يوما لمعاذ: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن».