ما زال الصراع والمنافسة مستمرة بين مدن غرب القاهرة، ومدن الشرق، والكل يراهن على الحصان الرابح، فهناك مشروعات كبرى أقيمت داخل غرب القاهرة، سحبت البساط من تحت أقدام مدن الشرق، ولكن جاءت العاصمة الإدارية الجديدة، لتكون بمثابة رمانة الميزان، وتكون السبب الرئيسى في تحول الكثير من المواطنين والمستثمرين لمناطق الشرق لفترة تخطت العامين، إلا أن وجود مشروعات كبرى لكبار المستثمرين سواء المصريين أو الخليج، جعلت المنافسة بين الغرب والشرق أكثر شراسة.
فعلى سبيل المثال، استطاعت مدينة الشيخ زايد، أن تكون بمثابة المدينة الأعلى سعرا بالنسبة للأراضى والوحدات السكنية لفترة كبيرة، وجائت في مقدمة المدن، الجاذبة للاستثمارات والمواطنين، فهناك أبراج تم تنفيذها لأول مرة بمعرفة إحدى كبرى الشركات، فضلا عن شركات خليجية، حصلت على أراضى لتنفيذ مشروعات أخرى، وفى المقابل، جاءت مدينة أكتوبر الجديدة، لتحتوى على أكبر ميناء جاف بالمدن الجديدة، فضلا عن مشروع أخر يتم تنفيذه لكبرى الشركات وساهمت في زيادة الإقبلا على المدينة، فضلا عن احتوائها على أكبر عدد من الوحدات السكنية لمشروع الإسكان الاجتماعى بواقع 140 ألف وحدة سكنية.
كما جاءت مدينة حدائق أكتوبر، وهى إحدى مدن الجيل الرابع، بمنطقة غرب القاهرة، لتستحوذ على أحد مشروعات المؤتمر الاقتصادى في عام 2015، على مساحة 500 فدان، بالشراكة بين القطاع الخاص ووزارة الإسكان، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية، فضلا عن مشروعات أخرى، جعلت منها مدينة جاذبة للاستثمارات بصورة كبيرة.
في المقابل وفى منطقة شرق القاهرة، كانت مدينة القاهرة الجديدة، مدينة جاذبة للسكان بشكل كبير، ولكن بسبب مشكلة المرافق وأزمة الصرف الصحى، تسببت في تحول البعض لمدن شرفق القاهرة، في حين أن مدينة بدر كانت مدبينة طارده وغير مرغوب فيها، أما الشروق فكانت تكقف في المنتصف، حتى جاءت العاصمة الإدارية الجديدة، والتي كانت بمثابة رمانة الميزان والتي ساهمت بشكل كبير في استراجع مناطق شرق القاهرة لهيبتها مرة أخرى وجعلت الكثير يفكر في الاستثمار والسكن في مدن الشرق، وخاصة للفئات غير القادرة على السكن داخل العاصمة الإدارية الجديدة، فكانت بمثابة المنقذ الأخير لمدينة بدر، وجعلتها مدينة جاذبة للسكان ممن هم يرغبون في السكن بجوار العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك الامر بالمنسبة لمدينة الشروق، والتىجعلت الأنظار تتجه إليها، أما القاهرة الجديدة، فمشروعات البنية التحتية الجارى تنفيذها، بقيمة 7 مليارات جنيه، ومشروعات الطرق الجديدة، استطاعت أن تكون بمثابة نقطة الجذب الرئيسية للمستثمرين والمواطنين معا.
وتتميز مدينة القاهرة الجديدة، بكونها أقرب للقاهرة من الشيخ زايد فيربُطها بالقاهرة والجيزة عدد من المحاور الرئيسية، بالإضافة إلى قربها من المعادى، مدينة نصر والمُقطم أمّا بالنسبة للشيخ زايد فهى قريبة فقط من مدينة 6 أكتوبر، و الدقى والجيزة، بطبيعة الحال يميل سُكان القاهرة للسكن فى التجمع الخامس بينما يميل سُكان الجيزة للسكن فى 6 أكتوبر والشيخ زايد.
وموقع العاصمة الإدارية الجديدة جعل الطلب يزداد نحو التجمع الخامس، أمّا بالنسبة لسعر المتر فـى القاهرة الجديدة فسجل أعلى سعر تليها الشيخ زايد ثم مدينة 6 أكتوبر، فزيادة الاتجاه نحو التجمع الخامس كان بسبب توافر العديد من الخدمات، النوادى، المولات والجامعات مثل الجامعة الأمريكية، أما التجمع الخامس فعلى عكس الشيخ زايد ومدينة 6 أكتوبر تحتوى على العديد من الشركات الكبرى والبنوك ما جعل الاتجاه يزداد نحو السكن والاستثمار العقارى فيها.
وهناك دراسات، أكدت أن الاتجاه الأكبر للنمو يكون ناحية شرق القاهرة، بما فيها القاهرة الجديدة ومدينة المستقبل والعاصمة الإدارية الجديدة، وتؤكد أيضا أن هناك اتجاها كبيرا فى الفترة الأخيرة لتنمية غرب القاهرة متمثل فى التوسعات الجديدة التى تتم بمدينتى السادس من أكتوبر والشيخ زايد، والتى ستستقطب سكان مناطق المعادى والدقى والزمالك، خاصة بعد المحاور والطرق الجديدة التى أوشكت على الانتهاء من تنفيذها، والتى ستسهل انتقال السكان من هذه المناطق القديمة إلى المدن الجديدة بالخدمات الكبيرة التى توفر فيها، التى دفعت أسعار العقارات بها للوصول إلى أرقام كبيرة تقدر حسب مستوى التشطيب والمساحة والخدمات ووسائل الرفاهية
وأوضحت الدارسة، أن مدينة الشيخ زايد تعد من أرقى المدن الجديدة وأميزها، حيث تم بناؤها كمنطقة سياحية راقية، وتعد الشيخ زايد مدينة منفصلة مربوطة بأهم طريقين فى الجيزة وهم طريق مصر الإسكندرية الصحراوى ومحور روض الفرج ومحور 26 يوليو. وتنقسم المدينة إلى 16 حيا مميزا.
وقسمت الدراسة أحياء الشيخ زايد طبقا لأهميتها، حيث يضم الحى الرابع من مدينة الشيخ زايد جميع أنواع الوحدات السكنية من شقق وفيلات ومنازل، ويحتوى الحى على الخدمات الأساسية من مدارس وجامعات ومراكز صحية، ويعتبر أغلى أحياء الشيخ زايد ، أما الحى الثامن فهو حى عائلى يشتهر بالقصور والفيلات، ويعتبر حيا هادئا وذا مستوى اجتماعى مرتفع، وبالنسبة للحى التاسع، فهو يعتبر من أفضل أحياء مدينة الشيخ زايد فيه مستويات اقتصادية مختلفة، وهو حى جديد نسبياً، ويضم الحى عمارات سكنية مكونة من دور أرضى و3 أدوار متكررة، فالبنايات غير مرتفعة مما يساعد على توفير جو مثالى للسكان، أما الحى الرابع عشر والذى يقع غرب مدينة الشيخ زايد فهو يضم أرقى كمبوندات فى الشيخ زايد.
وطبقا للدكتور وليد عباس، معاون وزير الإسكان، أكد أن منطقة غرب القاهرة، وخاصة مدينة الشيخ زايد تحصل على نصيب الأسد من طلبات المستثمرين المحليين والاجانب للحصول على قطع أراضى بها، سواء سكنى أو تجارى أو إدارى، او نشاط مختلط.
وأضاف الدكتور وليد عباس لـ”اليوم السابع” أن النشاط التجارى يأتى فى مقدمة الطلبات المقدمة للهيئة، ثم يأتى بعده النشاط التجارى الإدارى، فيما يحتل النشاط العمرانى المتكامل المرتبة الثالثة، وتأتى فى ذيل القائمة الأنشطة الأخرى.
وأوضح أن الكبار يتنافسون للحصول على قطع الأراضى بها، وهو ما ساهم فى ارتفاع أسعار المتر بمنطقة غرب القاهرة، والتى تخطت الـ50 %، لافتا إلى أن مدينة الشيخ زايد، استطاعت فى الفترة الأخيرة أن تحسم نتيجة الصراع بينها وبين منطقة غرب القاهرة لصالحها وتتفوق على نظيراتها فى شرق القاهرة، وهو ما جعل المستثمرين يتنافسون للحصول على قطعة أرض بها، فيما لا تشهد مدينة القاهرة الجديدة نفس مستوى الإقبال.
فمنذ حوالى 8 سنوات كان الإقبال أعلى وأشد على مدن شرق القاهرة، وخاصة مدينة القاهرة الجديدة، ولكن منذ حوالى أقل من عامين استطاعت مدينة الشيخ زايد جذب أنظار المواطنين، وهو ما جعل سعر المتر فى المشروعات الجديدة بالمدينة يتضاعف نحو 8 مرات خلال الفترة الأخيرة، وعقب طرح وزارة الإسكان، عدة أراضٍ بنظام الأمر المباشر، فى عدد من المدن الجديدة، منها الشيخ زايد والقاهرة الجديدة، كشفت دراسة أن هناك تنافسا كبيرا من المستثمرين ورجال الأعمال لتنفيذ مشروعات استثمارية بها فى كل المجالات، سواء مشروعات سكنية أو تجارية أو إدارية.
وأضافت الدراسة، أن هناك أكثر من 100 شركة عقارية كبرى محلية وأجنبية تقدمت بطلبات رسمية لهيئة المجتمعات العمرانية للحصول على قطع أراضى بالشيخ زايد بأنشطة مختلفة تجارية وإدارية، موضحة أن الأراضى شهدت إقبالا ملحوظا من الشركات العقارية على قطع الأراضى والتى تتراوح مساحتها ما بين 850 مترا إلى 3500 متر مربع.
وعلى مستوى الخبراء، أوضح المهندس درويش حسنين، الخبير العقارى، أن مدن غرب القاهرة أصبحت تتفوق على مدن شرق القاهرة فى الفترة الأخيرة، وذلك بالتزامن مع خطة الدولة فى الاهتمام بغرب القاهرة من خلال إنشاء بعض المشروعات الكبرى، وخاصة مشروعات الشراكة سواء أكانت داخل أكتوبر أو الشيخ زايد.
وأوضح حسنين، أن حصول مستثمر إماراتى، على قطع أراضى بالشيخ زايد، ساهم بشكل كبير فى رفع المنطقة بصورة أكبر، ويشكل قيمة مضافة للمنطقة، بالإضافة إلى أن أبراج الشيخ زايد، ومشروعات بالم هيلز، داخل أكتوبر، فضلا عن مدينة الشمس التى ستكون نواة لجذب السياحة لمصر، واهتمام وزارة الإسكان بمدينة حدائق أكتوبر وأكتوبر الجديدة، والتى تعد من ضمن مدن الجيل الرابع، كل ذلك ساهم بشكل كبير فى عملية التحول الجذرى للمواطنين والمستثمرين من شرق القاهرة لغرب القاهرة، موضحا أنه مع ذلك ما زال هناك اهتمام بمدن شرق القاهرة، وخاصة أن القاهرة تنمو ناحية الشرق أكثر من الغرب، وهذا ما دفع الدولة إلى اتخاذ القرار بإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة جهة الشرق وليس الغرب، خاصة مع الإقبال الكبير على السكن فى مدن القاهرة الجديدة والتجمع والداون تاون من المصريين والأجانب، خاصة بعد أن أصبح سعر العقار فى مصر منافسا للأسواق الأخرى بعد تحرير سعر صرف الجنيه.
فيما قال المهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى، أن هناك اتجاها كبيرا فى الفترة الأخيرة لتنمية غرب القاهرة متمثل فى التوسعات الجديدة التى تتم بمدينتى السادس من أكتوبر والشيخ زايد، والتى ستستقطب سكان مناطق المعادى والدقى والزمالك، خاصة بعد المحاور والطرق الجديدة التى أوشكت على الانتهاء من التنفيذ، والتى ستسهل انتقال السكان من هذه المناطق القديمة إلى المدن الجديدة بالخدمات الكبيرة التى توفر فيها، التى دفعت أسعار العقارات بها للوصول إلى أرقام كبيرة تقدر حسب مستوى التشطيب والمساحة والخدمات ووسائل الرفاهية.
ولا شك أن العاصمة الإدارية أحدثت نقلة نوعية لكافة المناطق المحيطة بها، وكانت بمثابة الإضافة الحقيقية لهذه المناطق وخاصة مدن شرق القاهرة وفي مقدمتها بدر والشروق والعبور ، وهو ما جعل سكان مدينة بدر يتضاعفون فى أقل من عام ليصل اجمالي عدد السكان 200 الف نسمة بدلا من 100 ألف نسمة العام الماضي.