واستكمالًا لحفلات الطرب الشرقي الأصيل وهي الحفلات المحببة لقلوب قطاع عريض من الجماهير في مصر والعالم العربي وللتأكيد على متانة وعراقة الصداقة بين الدولتين الشقيقتين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية على كافة المستويات أقيم بالأمس القريب حفل تكريم لمشوار ذهبي لرجل ذهبي من جيل العظماء وهو مشوار موسيقار الأجيال الفنان محمد عبد الوهاب وما أجمل هذا الحفل الذي خلق لنا حالة من الحنين إلى الماضي البعيد من خلال أغاني زمن الفن الجميل وكيف عبرت تلك الأغاني عبر الأزمنة والأجيال المختلفة حتى وصلت لجيل الأيفون واللابتوب والإنترنت الذين هم جيل المستقبل ولكن أكد هذا الحفل على المقولة الشائعة التي تقول” من ليس له ماض ليس له مستقبل”.
فقد خرج الحفل في أبهى صورة يمكن للعين رؤيتها من خلال شركة بنش مارك الشركة المنظمة لحفلات المملكة وبالأخص موسم الرياض الذي ما زال يحمل في طياته الكثير فكانت الديكورات جذابة وتحمل في طياتها من الأصالة والعراقة ما يشعرنا أننا نعيش في زمن الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي والأغاني الساحرة والإضاءة المبهرة أما الأصوات التي أختيرت من أجل أن تطربنا بهذا الإرث الكبير من الطرب الشرقي الأصيل فحدث ولا حرج فكل صوت يتحدث عن نفسه دون الحاجة لأن أتحدث عنه وكم فرحنا عندما شاهدنا شيء من رائحة موسيقار الأجيال فكانت الإبنة “عفت” التي صعدت على المسرح في مفاجأة من العيار الثقيل وكانت واقفة كالجبال الشامخة بين الحاضرين تشكر في خجل كل من شارك في إخراج هذا الحفل وساهم في تكريم هذا الرجل.
ولكن ليس هناك شيء كامل فالكمال لله وحده فهناك بعض الأغنيات التي كانت غير مناسبة لطبقات المطربين الذين شدوا خلال الحفل بأروع ألحان عبد الوهاب وأيضًا كانت الموسيقى أعلى بكثير من أصواتهم حتى كان يهيأ لي أنهم لم يستطعوا سماع أنفسهم من هول ارتفاع صوت الألات الموسيقية وهذا يشكل خطر على مسامعنا
ومما لا شك فيه تميز تلك الأغاني بمقدمات موسيقية طويلة مما تصيبنا نحن المستمعين بالملل وخصوصًا أننا الآن في عصر السرعة بل وأصابت المطربين بالملل من طول انتظار الفرقة أن تنتهي من عزف المقدمات الموسيقية للأغاني فكان قديمًا هناك كرسي ترتاح عليه مثلا السيدة أم كلثوم حتى تنتهي الفرقة من عزف المقدمة الموسيقية ولكن هنا لا يوجد شيء يرتاح عليه المطرب والدليل القاطع هو دخول الفنان ” ماجد المهندس” بعد انتهاء المقدمة لأحد أغاني العندليب فكان من الممكن على الفرقة أن تتصرف حيال هذه المشكلة باختصار بعض المقدمات الموسيقية بما لا ينقص من جودة وقيمة اللحن
ولكن ومع كل هذا لا يسعني في النهاية إلا توجيه الشكر والتقدير لجموع المسؤولين عن شركة بنش مارك المنظمة لتلك الحفلات على مجهوداتهم الرائعة والتي أتمنى أن يحتذى بها في جميع أنحاء الوطن العربي وخاصة في مصرنا الحبيبة.