في قوله تعالى : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” [الحشر : 18] .
– أن نداء الحق سبحانه وتعالى يُشعِرُ بهيبةٍ عظيمةٍ تستوجب إصغاء السمع وحضور القلب وانقياد الجوارح والمسارعة لتلبية النداء فقف بكل كيانك أمام هذا النداء واعلم أنه من رب السماء فلا تعرض كما يعرض الجهلاء.
– أن النداء بصفة الإيمان يحرك بواعث القلب بما فيه من تصديق واذعان إلى سرعة التطبيق والإتقان.
– أن التقوى عمل قلبي تظهر وتتضح آثاره في سلوك المسلم في كل معاملة مع الآخرين.
– أن التقوى خير زاد يمكن أن يستزيد منه المسلم في دنياه لغدٍ قريبٍ في دارٍ باقية خالدة.
المفاضلة في تلك الدار تكون بما قدم كل امرئ من خير وعمل صالح وتقوى خالصة لله رب العالمين .
– ( ولتنظر نفس ما قدمت لغد) جملة في غاية الروعة والبلاغة وكذلك القرآن.
جملة ينبغي أن تكون شعارا لك عندما تحقق أهدافك وما كنت تطمح في تحقيقه في دنياك فقف قليلا وقل لنفسك ما الذي قدمته لآخرتي.
-تأمل كلمة(ولتنظر) التي تدفعك إلى مراقبة نفسك ومحاسبتها وتعهدها باصلاحها ودفعها للخير والصلاح. وتأمل كذلك تنكير كلمة ( نفس) فإن التنكير هنا يفيد العموم في سياق الأمر ، أي لتنظر كل نفس في شأنها، فكل إنسان مسؤول عن نفسه فقط يوم يفر المرء من كل الناس.
وكلمة (قدمت) فيها استعارة للعمل الذي ينبغي أن يُعمل حتى تحصل فائدته في المستقبل وهذا العمل الصالح محفوظ عن الله تعالى لصاحبه فقد قال تعالى : { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله } [ البقرة : 110 ] وسترى كل نفس يوم القيامة صحيفة أعمالها قال تعالى : { علمت نفس ما قدمت وأخرت }[ الأنفطار : 5 ] .
– تكرار الأمر بالتقوى فيه إشارة لضرورة التحلي بها وأنها خير ما يقدمه الإنسان لغده في الآخرة .
– وختمت الآية الكريمة بتأكيد على حقيقة يجب أن تكون في قلب كل متقٍ لله تعالى بل وفي قلب كل مؤمن( إن الله خبير بما تعملون) حقيقة تبعث على إيقاظ النائم وتنبيه الغافل وإنذار العاصي وتبشير الطائع فكل عملك مرصود وكل كبير أو صغير في كتابك موجود .
– استجب لنداء الحق وقدم لنفسك تقواها وانظر لغدك الآتي ماذا سجلت من عمل في ديوانه فإن كان خيرا فبتوفيق من الجليل وإن كانت الأخرى فاعلم أن الله خبير بما تعمل فصحح عملك من الآن وأقبل يفتح لك باب التوفيق.