لا يمكن أن يحكم المرء مننا على شيء إلا إذا سمعه أو شاهده … فمن وسط زحام كل مسلسلات هذا العام سواء التي عرضت في السباق الرمضاني أو حتى التي عرضت خارجه و للأسف كانت معظم تلك المسلسلات تحتوي على مشاهد عنف وأكشن وتدخين ومخدرات إلا القلة القليلة من المسلسلات التي كانت هادئة جميلة بالرغم من إيقاعها السريع وعدم الملل ولكن تشعر عزيزي القارئ أنها في مكان آخر بعيدًا عن كل المسلسلات.
وكان من تلك النوعية التي أتحدث عنها في مقالي هذا مسلسل “وبيننا ميعاد” بجزأيه الأول والثاني بالرغم من أني لم أشاهده بالكامل ولكن شعرت بكم التركيز من قبل كل العاملين في هذا العمل الراقي المحترم لدرجة أنني لم أستطع تصيد أخطاء للعاملين سواء خلف الكاميرات أم أمامها وبصرف النظر عن العنوان المأخوذ من إحدى الأغاني الشهيرة للهضبة ولكن ترى عزيزي القارئ أن هذا المسلسل يأخذك بعيدًا عن العالم المرير الذي نعيشه رغم الهموم والمشاكل التي يتحدث عنها المسلسل لكنك تشعر أن ليس هناك هموم أو مشاكل وأن الحياة وردية اللون يكفي رأيت من خلال كم الحلقات التي شاهدتها كم هي حلوة بلادنا وجميلة ليس في المساء فقط ولكن في الصباح أيضًا بعد كل البناء والتشييد والتطورات التي تشهدها البلاد والتوسع في كل شيء الذي يتم في الآونة الأخيرة .
فكم نشتاق لبحر الأسكندرية.. شواطئها وهوائها النقي الذي يشفي كل مريض والتي تهفو الروح إليها لأنك ببساطة تذهب إليها بطاقتك السلبية عزيزي القارئ لتجدها دون أن تشعر تبدلت لطاقة إيجابية وأصبح لديك روح مرحة وشهية مفتوحة على الحياة بكل جوانبها وترى نفسك تنطلق مثل الطفل الصغير الذي يرى البحر لأول مرة فينطلق ويلعب ويلهو دون أن يدري بأي شيء وليس في مدينة الأسكندرية فقط ولكن هنا في القاهرة وخصوصًا في المنتجعات السكنية الجديدة التي تم تصوير معظم مشاهد المسلسل داخلها فكم هي جميلة تلك المنازل بحدائقها الواسعة الجميلة وهذا ما تميز به هذا المسلسل دونًا عن المسلسلات الأخرى التي يتم التصوير فيها في المناطق والمنازل العشوائية الضيقة المهشمة وهو ما نفخر به أمام العالم أجمع.
وناهيكم عن شكل المسلسل والتصوير وكل هذا الكلام نتجه إلى مضمون المسلسل الذي يوجه للمشاهد بعض الرسائل الهامة التي تكمن في أعطاءنا دروس كبيرة في كيفية تنمية النشأ الجديد من الأطفال والمراهقين دون استعمال أساليب الترهيب والعنف معهم على الأسس والقيم الأخلاقية المختلفة في ظل هيمنة التكنولوجيا الحديثة والسوشيال ميديا على أرائهم ومعتقداتهم حتى يكونوا أطفال أسوياء ينفعوا مجتمعاتهم ووطنهم في المستقبل.
أما الرسالة الثانية فهي لجموع الأرامل والمطلقين الذين أرى البعض منهم مازال يعيش حزين يبكي على اللبن المسكوب فماذا لو فشلت التجربة الأولى يا سادة دون النظر لما تبعها من ظروف فبأيدينا أن نعيش تجربة جديدة ونحيا من جديد مع أشخاص آخرين أفضل من أن نبقى بمفردنا ومعظم هؤلاء من كبار السن ممن يحتاجون أن يكون معهم شخص آخر للمساعدة في ظل غياب أفراد الأسرة وانشغالهم بأمور حياتهم الأخرى ليس عيبًا في ذلك فكلما نكبر كلما نضعف ونحتاج لمن يساعدنا فما أحوجنا للمساعدة وما أحوجنا أن نعيش الباقي من العمر في جو من السعادة والألفة وراحة البال.
أما الرسالة الثالثة والأهم من وجهة نظري هي معرفة كيفية اختيار الصديق قبل الطريق فيجب اختيار الصديق الطويل البال الذي يحب الاستماع لأن كل مننا يحتاج إلى الفضفضة في وقت ما لأن كل منا يحمل فوق قلبه تلال من الهموم والمشاكل التي يريد أن يزيلها لكي يرتاح قلبه وباله أيضًا واستئناف أنشطته الحياتية بروح جديدة مليئة بالتفاؤل والأمل وروح خفيفة مرحة مقبلة على الحياة .
هذا المسلسل ربما يراه البعض من الوهلة الأولى مسلسل خفيف من أجل الترفيه والتسلية فقط يقوم ببطولته بعض الوجوه الجديدة التي تتسابق لكسب حب المشاهد وتركيزه معه ومعهم بعض النجوم الكبار الذين يقدمون لهم يد العون والنصائح التي تضعهم على أول الطريق الصحيح ولكنه في الحقيقة مسلسل من العيار الثقيل يحوي العديد من الرسائل كما أوضحت فأتمنى من القنوات الفضائية المختلفة عرضه مرة أخرى وتعميمه على كل القنوات الفضائية المختلفة لكي يستفيدوا من تلك الرسائل.