نضج ونتألم حين تضيع منا بضع دقائق فى طابور ما،  نضج أكثر حين يطول الانتظار بعض الشيء، ونبرر لأنفسنا أن وقتنا ثمين في حين أننا في الحقيقة نقتل الوقت ونحن مسرورن.

نعم، نقتل الوقت حين نبحث عن وسائل وألعاب  ووسائل التواصل، وكل تلك الأشياء التي  تقربنا  كل يوم من النهاية، وعندها لن نعطى فرص ثانية ولا وقت إضافي، وعندما نقف برهة لنتأمل حالنا نجد  ساعات عمرنا تمر  بسرعة لا نكاد نلحظها، تقذفنا الأحلام من محطة لأخرى ونحن نركض حد الإعياء، لا أعلم هل أتعبتنا الدنيا أم نحن من أتعبها.. هل سرقتنا وسلبت من سنين عمرنا أم نحن من سرقناها وفرطنا فيها دون وعي .. عندما انظر في المرأة أجدني لا  أكاد أعرفنى! من صاحبة ذلك الوجه! ومتى ارتسمت تلك القسمات المجهدة!

..يبقى السؤال يلح في وجع .. ترى من عاش تلك السنين نيابة عني !

من سرق وقتي مني !

من احتل تقاسيم وجهي !هل أنا ..أنا !

هل حقًا استمتعت بكل لحظة جميلة كان يجب أن أعيشها أم أن قلقي وخوفي وانشغالي جعلها تمر دون أن أراها وأعيشها!

هل حقًا توقفت لألتقط الأنفاس وأحنو على نفسي المضطربة أم كنت أركض في كل لحظة إلى حد الإعياء  بين حلم وآخر!

للأسف لم أتوقف، ولم ألتقت أنفاسي ولم أعبء بغيري، فقط نفس تجري وسط ركب من البشر يلهثون خلف سراب الدنيا وهم بالكاد يلتفتون لأنفسهم فكيف بهم يروا غيرهم!؟

أيها الباحثون عن وسائل لقتل الوقت، أيها المسافرون بين مختلف الألعاب والمسلسلات، أيها اللاهثون خلف سراب لن  ينتهي إلا حين من الحياة تنتهون،

توقفوا الآن، وألمسوا بحنان  قلوب من حولكم، واستمتعوا بحياتكم، واحرصوا أن تكون في قلوب أبنائكم ومن تحبون.

تمسكوا بكل دقيقة من أعمارهم، ولا تجعلوا عمركم مجرد سنوات بل إجعلوها حياة في قلوب من حولكم.

فالسنوات تنتهي أما الحياة فتبقى حية لا تموت.

بقلم هيام علي بيومي