أكدت دار الإفتاء أنه يجوز شرعًا للمسلم أن يهنئ غير المسلمين بالأعياد والمناسبات التي يحتفلون بها، وهذا من باب المشاركة الاجتماعية لهم، فلا مانع شرعًا من ذلك؛ فالإسلام دينٌ كلُّه سلامٌ ورحمةٌ وبرٌّ وصلة، يأمر أتباعه بالإحسان إلى الناس جميعًا، ولا ينهاهم عن بر غير المسلمين، ووصلهم، وإهدائهم، وقبول الهدية منهم، وما إلى ذلك من أشكال البر بهم، بل يأمر بهذا كله ما لم يظهر الآخرُ العداء، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم القدوةَ الحسنةَ في التطبيق؛ فكان يقبل الهدايا من غير المسلمين كما ثَبَت في صحيح السنة.

ومن هنا فهم علماء الإسلام أن قبول هدية غير المسلم ليس فقط مستحبًّا لكونه من باب الإحسان، بل لكونه سُنَّةَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى هذا النهج سار الصحابة الكرام والأئمة الأعلام؛ فروي شهود بعضهم أعياد غير المسلمين والأكل من الأطعمة المُعَدَّة للأكل فيها، مستحسنين لها بلا أدنى حرج، ونص الفقهاء على جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم مع مراعاة أن لا يقترن ذلك بطقوس دينية أو ممارسات تخالف ثوابت الإسلام.

فالإسلام دينٌ كلُّه سلامٌ ورحمةٌ وبرٌّ وصلة، وقد أمر أتباعه بالإحسان إلى الناس جميعًا بشتى صوره، فأمَرَنا الله عز وجل أن نقول الحسنى لكل الناس دون تفريق؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83]، وأمرنا الله بالإحسان دائمًا؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ [النحل: 90]، كما أن الله لم ينهَنا عن بر غير المسلمين، ووصلهم، وإهدائهم، وقبول الهدية منهم، وما إلى ذلك من أشكال البر بهم؛ قال تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، فالوصل، والإهداء، والعيادة، والتهنئة لغير المسلم، كلُّ ذلك يدخل في باب الإحسان، ويُعَد ضمنَ مظاهره.