من المعروف أن الأسماك من أهم المصادر الطبيعية الهامة جدًا للبروتين الحيوي الضروري لصحة وسلامة بنية الإنسان ورفع قدرته للوقاية من العلل والأمراض. وقد عرفها الإنسان كمصدر لغذائه منذ أقدم العصور ومنها كانت مهنة الصيد. قديمة قدم الإنسان الأول وخاصة من عاش قريبا من البحار والبحيرات والأنهار.
وفي العصر الحالي تهتم الدول والمجتمعات بصناعة صيد الأسماك وتوفر لها كافة المستلزمات الحديثة والعلمية حتي أصبحت أساطيل الصيد أشبه بالمصانع ومراكز الأبحاث بما تحتويه من وسائل التكنولوجيا الحديثة في الصيد ليس أقلها استخدام السونار لرصد وتصوير تحركات الأسماك في أعمق البحار وأماكن تجمعها.
وهناك دولا تعتمد على صناعة صيد الاسماك كمصدر رئيسي للدخل والاقتصاد . بالنسبة لمصر، كانت صناعة الصيد قوية واعدة ويكفي أن تعلم أن موارد تلك المهنة تتوافر بقوة حيث تمتلك مصر مايقارب 3500كم طولي من السواحل على البحرين الأحمر والمتوسط ويكفي وجود بحيرات الشمال بداية من البردويل في شمال سيناء والمنزلة في دمياط والبرلس في كفر الشيخ. وادكو قرب رشيد كما تمتلك مصر مجري النيل العظيم بطول أكثر من ألف ومائة كيلومتر من المياه العذبة ويتصل به ويتفرع منه الكثير من الرياحات والترع والقنوات بمجموع يصل إلى حوالي 45 كيلو متر .ناهيك عن امتلاك مصر أضخم وأكبر بحيرة صناعية بالعالم وهي بحيرة السد العالي جنوب أسوان بمساحة تقدر بنحو نصف مليون فدان من المسطحات المائية .
هذه الإمكانات المتاحة كفيلة أن تجعل إنتاج الأسماك توافرها بلا ثمن تقريبًا لكي يكون الغذاء الشعبي الأول. كما هو في اليابان وتايلاند وكثير من بلدان جنوب شرق آسيا .
ولكن للآسف امتدت يد الإهمال سواء عمدًا مقصودًا لأسباب عديدة أو تقصيرًا وجهلًا ونقص في الكفاءة
وايا ما كان فالنتيجة كارثية وصادمة. وجعلت من الأسماك للمواطن المصري حلمًا من أحلام اليقظة بما في ذلك المدن الساحلية التي تنام وتصحو على نغمات أمواج البحر .
أصبحت الأسماك كطعام من مظاهر الرفاهية التي لا يقدر عليها إلا من كان من ذوي الحظوظ حتى لو كانت مما يطلق عليها الأسماك الشعبية التي كانت تلقي بلا أثمان، مثل أسماك البلطي والسردين .
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة والتدهور شديد الانحدار في قيمة العملة في مصر أصبح الحصول على صورة بالقرب من عرض الأسماك بمثابة الأمنية ..ولو فكرنا في أسباب المشكلة تجدها عميقة ومتشابكة. بداية من صناعة الصيد وانتهاء بتاجر التجزئة وما بينهما من سماسرة وتجار وعمولات ووسائل نقل وشحن أدى كل هذا أن يدفع المواطن هذه السلسلة من الجشع والسرقات .
من هنا فكر العقلاء وذوي الفكر والإرادة في مجابهة هؤلاء المستغلين الذين لا يرون إلا أنفسهم وجشعهم ولا يعنيهم لا الوطن ولا المواطن ومستعدون للقفز على جثث المجتمع بكل غباء وجهل .
من هنا كان لابد من ردة الفعل الإيجابية الفعالة ومن حسن الحظ أن الأسماك سلعة حساسة لا تحتمل المكابرة. وسريعة التلف والفساد ومن هنا تولدت فكرة المقاطعة حتى لو مرحليًا. .بائع الأسماك الصغير يعيش يومًا بيوم ولا يمكنه أن يتحمل الكساد التام لبضعة أيام. ناهيك عن خسائر تلف الأسماك ذاتها. وبذلك كانت المقاطعة الجماعية الواعية الفعالة مضمونة النتائج. ووضعت الجميع أمام ضمائرهم ومسؤلياتهم، وقال الشرفاء لا للأسماك. لن نموت بدونها. لا لكل جشع مستغل .
التجارة والكسب منها حق ومباح ومشروع ولا غبار عليه. ولكن التربح والجشع وامتصاص الدماء وتدمير السلام المجتمعي فتلك قد ترقى إلى مستوى جريمة الخيانة العظمى. .وطالما أن السلطات التنفيذية قد رفعت يدها. وجلست في مقاعد المتفرجين. فعلينا أن نخوض المباراة بأعلى درجات الروح المعنوية العالية. واثقين من تحقيق النتائج المبهرة المشرفة ولعلها تكون مقدمة ومنارة لحملات قادمة تقصم جبروت كل من يحاول أن يجعل التجارة مرتعًا للجشع والاستغلال .
عاشت الجهود الشعبية،عاش تضامن الشرفاء عاش الوعي المستنير ، الاحترام والتحية لكل عمل إيجابي رشيد . الخزي والعار على حثالة اللصوص من التجار .